الشهادة الإبداعية التي قدمها الدكتور الشاعر الكبير حربي طعمه المصري في كتاب أرواح عابرة للكاتبة الاردنية ايمان الصالح العمري
نحاول أن نجمع ما تسرّب من منخل المعنى، ندقق زمنا في الأشكال المتناسقة والمتناقضة، نحاول أن نستبعد الظلمة نكنسها بالنور، ونرفع مجتهدين الحصاد حتى ينشرح وجه البيدر .
تعودنا أن نستظل بالرؤى وللفكر شمس وطقس، وبدالية الفطنة عند إشتداد خماسين الكروب وللكنز حكاية، ولا ندري حقا ان كنا أسرفنا حتى اكتهلت الأرواح ورسبت في قعر فنجان التوقع.
في هذا العمل، تفجرد. إيمان العمري ينابيع الإبداع والدهشة في عمل جرئ هو الأول من نوعه، حين تعيد الأبواب إلى عتباتها الصحيحة، وتلغي التداخل والفوضى بين الأشكال الأدبية، وهي القادرة المتمكنة بإعتبارها شاعرة وزنية وناثرة مقتدرة إلى جانب ابداعها في الومضة والقصة .
في ظل هذا العمل الجرئ، سوف أخرج عن كلاسيكية التقديم لأقدم د. إيمان كما أعرفها وتتبعتها منذ زمن بعيد، حيث تبقي صنارتها في بحر الواقع تصطاد أسماك التفاصيل الدقيقة، تسوقها من مزالق الرغبة القاتلة المحرمة الى فضاءات الرحمة، تملك حروفها النقية الصافية مفاتيح أقفال القلوب والعقول، وهمزات الوصل بالزهور .
كلماتها ما عرفها خريف الصدأ والتساقط، وما شدهتها لافتات الوهم، وما استوقفتها شواخص وجوه لمعت بفسفور النفاق واعداها جذام الإنبهار، وما سارت قط على خطى التيه الأسود، وهي تبحث عن بساتين الصدق تاويها من زحف رمال صحراء الدجل، تلج أبواب القنوت وتتدثر بلحاف التقوى وتحرق أشرعة ستدفع بريح التهلكة مراكب الإنحطاط في بحار النفاق، تنادي على فرسان تصهل في دمنا، وتمد كفا كي تحلب غيمة نصر في خلاء الخاطر، وتستنبط حروف الود في منفى المستحيل وهي تدافع عن شمس ما اطلقت عليها سهام الحنق .
نعم، تتدثر بلحاف الإنتظار وتبث رسائل البشرى الدافئة وهي تفيض شذى، ونادرا ما تخلع عنها ثوب الحزن وهي ترسل قذائف حنينها المتوقدة تنبش عميقا عن الكلمات المختبئة في ملاجئ الروح ، تخرجها وتنقيها في نهر صدقها وإبداعها .
توهانها مدار، وخطواتها الواثقة إنتماء لإسطورة البدر، وأينما وليت فثمة كلمات رائعة فضاؤها براري الروح اللامحدودة تتقافز فيها أيائل قصائد لا تروض، وومضات من ألق ونور، وقصص تقرأ على مهل مختصر ذواتنا في سطور الشوارع والبيوت والوطن، تطرزها عقدا من الياقوت على صفحات الكهرمان كي تعكس حزن المروج وضحكات الازهار.
يقرأه الاخرون
وحين تدلهم الخطوب حد الترقوة، لا تتلفع بعباءة الإحباط وتجلس في ظل لبلابة اليأس، إنما تنفخ على جذوة في أقصى القلب بأنفاس الأمل، وتقدم لنا قبسا ينير الطريق، وهي تعصف كالمارد بوجه من يسممون براءة الأشياء في جسد الأبجدية والإنعتاق، وتغلق وجوها نوافذها صدئة ونهار حسناتهم شحيح، وتبث الحرية حين ترسم الأبداع ببراءة الأطفال بعيدا عن ورق الفضول الاصفر.
لا أشك طرفة شعاع، أني أقرأ من جديد لغة إبداع والزمن اسن يرتدي أثوابا بالية فتقها بق الإعتياش والترزق، فبلقيس الومضة جاءت بعد مخاضات من ماساة الإرادة والتجربة العميقة الصلبة، وهي تبرق واثقة الخطى على أقدام التشويق، وكلما مرت على سرب من القطا لوح جذلا وخط إحتراما على رمل الله سورة الريش وهو يدرك جيدا لغة الطيران.
راهبة في صوامع الإنتماء، تتمطى غيمات أشعارها في سماء اشتعالها الذهني، وتتلامع نجوم الخواطر تشد بإشعة الروح جزرا تبقينا على شواطئ النرجس حيث تجري دماء الصحيان في عروق الخدر ويرتد البصر ثاقبا، حينها نمسح الدمع ونصيح إغتباطا ونبتهج بغيث البشائر ونحن نلتقط إشارة هنا أو هناك.
تُرى حين نغمس مرغمين أصابعنا المتوهجة في طباشير الأشياء هل تفوح الروح برائحة الطين؟
ترى هل يطلع فطر الكرامة بعد رعود من فوهات المدافع ؟
وهل يرعى الصمت حقا قطعان الأسرار الجائعة للبوح؟
أثير هذه الأسئلة تاركا للقارئ متعة الغوص في عمل لن يبور