الوعي الكوني.. مقال بقلم فاطمة امزيل
الحكمة والتصالح مع الله
( الوعي الكوني )
لنحاول ركوب أبراج الحكمة، وتحقيق الخير والجمال في دواخلنا .. وإنه لبالحب نسموا ونرتقي، وعلى الخير والإحسان نجتمع ونلتقي، وبالسلام نتعايش ونمحوا من دواخلنا الذرات الشيطانية التي تحرفنا عن الحق والصواب، فنتقي ..
كونوا أنتم بكل الطاقات التي تجعلكم تستنكرون السلبية، كونوا تجسيدا للحياة الحقة والصفاء الذي لا صفاء بعده .. كونوا ذلك الخلق الذي أراده الله أن يحمل مشعل الخلافة في الأرض ومشعل الوفاء في السماء .. لأننا نحن الخير الذي يصنع لنفسه الشر ..
الله سبحانه وتعالى، صنع الخير وملكه أمر كينونته وتطوره وتحوله حسب النزوع .. وخيره بين العودة عبر النور إلى النعيم الأبدي، وما النعيم إلا تجل لخير النفس البشرية .. أو العودة عبر النار إلى العذاب الأبدي، وما العذاب إلا تجل لشرور النفس البشرية .. والخيار لك، لأن الله غني عن العباد .. لكن رحمته اقتضت منه العفو والمغفرة كما اقتضت العذاب .. قال عز وجل على لسان عيسى عليه السلام: ” إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم ” ..
فلو كان العقل البشري يرتقي إلى الشمول والإدراك الحسي فضلا عن الإدراك المادي، لاهتدى إلى الوعى ببساطة الأشياء رغم ما تظهره من تعقيد، ولبلغ حكمة الحياة التي هي قطرة من الحكمة المطلقة، والتي تقتضي بالإنتقال من محطة إلى أخرى وتحقيق الحق والعدل لإدراك النور الأبدي ..
وتأتي الحِكْمَة بمعنى الفِقْه والعلم، قال تعالى: ” يُؤتِي الْحِكْمَةَ مَن يَشَاء وَمَن يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ ” سورة البقرة الآية 269 .
والحكمة هي سر من أسرار النبوة، وهي الفهم والوعي بالأشياء، وهي العظة لتحقيق الهداية وتنوير العقول والنفوس المظلمة، ويتفرد بها أشخاص معينون جبلوا عليها .. ” ومن يوت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا ” ..
فالحكمة تتطلب تحكيم العقل والوجدان بقدر لا يطغى هذا على ذاك، لتحصل القدرة على تحقيق المعرفة والتبليغ بها إما قولا كما يتلوه النبي أو الرسول أو ذووا الحكمة عن الوحي أو إلهام، أو عملا أو إيحاء يستنبط منه معنى غير قابل للتأويلات المختلفة، فيستوعبه الناس كما ينبغي.
وباتباع الحكمة والإيمان بمضامينها،
واستشعار الطاقة الإيجابية التي تكمن بدواخلنا، وبالتالي الاستعانة بها، نتمكن من الوصول إلى الخلاص والتخلص من كل الشوائب والسلبيات الروحية والنفسية، والإيمان باللامرئي، والإعتقاد الجازم أن عدم التمكن من رؤيته لا يعني أنه غير موجود، فوجوده لانقاش فيه، لأننا نشعر به في دواخلنا وفي كل مايحيطنا في هذا العالم ..
هذا الوعي الذاتي والكوني هو خير دليل على تواجد الوعي الإلهي، تلك الذات الخفية التي تسكن كل أجزاء الكون تحركه وتلهمه وتختبره وتشعره بقوتها وقدرتها المطلقة .. تلهمه جمال الجزاء الحسن ورهبة العذاب الشديد .. فنرتقي إلى إدراك وجوب التصالح مع الله، ولكي يتحقق الصلح مع الله، لابد من التصالح مع الذات ومع الكون، عن طريق الإيمان القوي والعمل الصالح الذي يعصمك من الشر.
فاطمة امزيل سفيرة المحبة