صراخ الصمت .. مقال بقلم – د ياسر مكي
.
صراخ الصمت
مقال بقلم – د ياسر مكي
كثرت التفاهات من حولنا وضاع الزمن الجميل الذي كان فيه للكلمة هيبةووزن ومعنى واختفت الحلول وأصبح الكلام يضر أكثر مما ينفع بل أن كثير منه أدى إلى إفساد الود فكان لابد من إعمال الفكر لإيجاد بديل مناسب عن كثرة الكلام
وبالبحث الهادئ الصامت وجدنا أن هناك تلازم بين الكلام وسوء الفهم فأصبح الصمت هو الحل الوحيد الآمن والمتعة الفريدة في زمن الثرثرة وهو لا يعني دائمآ القبول أو عدم القدرة على الرد بل يعني أننا تعبنا من التفسيرفكان لزامآ علينا البحث عن فرصة للتأمل والتفكير فقررنا الغياب الكلي أو النسبي للصوت المسموع واخترنا لغة لا يجيدها الجميع لنصل لمرحلة النضوج الفكري و العقلي التي إذا وصل إليها الإنسان تصبح كلماته وتصرفاته وحركاته أكثر حكمة ليزين حياته بنوع من الفخامة التي لا يعرفها إلا عشاق الهدوء ليتأكد للجميع أن الثرثرةوكثرة الكلام هي لغة الجهلاء وتعبيرآ منهم عن التفاخر والغرور وحب الظهور
والصمت يحفظ اللسان من الافآت ويحمي من الزلات ويقي من الرياء والنفاق والفحش والكذب والغيبة والنميمة أما المزاح الزائد عن الحد وكثرة الكلام بدون داع توقع في السقطات وقيل فيه كن فنانآ في صمتك تكن مبدعآ متألقآ في كلامك
ورغم أن الصمت متعب من الناحيةالنفسية إلاأنه أرقى وسيلة للرد في الوقت الذي ينتظر فيه خصمك انفجارك بالكلام هنا تتجلى قيمته ليتأكد لنا أن الكلام إذا كان من فضة فالسكوت يكون من ذهب وفي لحظات معينة يكون الصمت فيها أعلى صوتآ من الكلام ومصدرقوة عظيمة وأكثرفصاحة من الكلمات وربما كان أفضل رد على الاهانة بل يصير تعبيرآ جيدآ عن أحاديث كثيرة لا يجيد اللسان نطقها فصمت تحمدعاقبته خير من كلام تندم عليه وربما كان جوابآ لكلام وبعضه صراخ وشتائم وبعضه أيضآ دواء وآخر منه حكمة وقد يكون منجاة للجاهل الذي لا يجيد الكلام فيجعل زينته في صمته وأفضل من كلمات بلا معنى
وكما ذكرنا مزاياه فله أيضآ عيوب وأضرار فالإفراط فيه يضر بالفكرة ويقضي على الحكمة ويؤذي الحواس وقد يؤدي إلى الجنون والهذيان واختلاط الأمور لذا كان خير الأمور أوسطها لنتعلم متى نتكلم ومتى نعانق الصمت
.
بقلم – ياسر مكي
.