غدر الحياة.. مقال بقلم ياسر مكي
يقرأه الاخرون
غدر الحياه
مقال بقلم – ياسر مكي
فجأة وبدون سابق إنذار أو حتى إعتذار تغيرت الحياه وغيرت معها كل الأشياء وكأنه انقلاب أو إنفلات أو بركان
أصبحنا الأن نتجرع غدر الحياه كما يشرب المريض الدواء كان الحب بينناحتى جاءمن خلفه الكُره وسرقه وكان الصدق يغلب وجاء من ورائه الكذب فابتلعه والخيركان حتى ساد الشر فسجنه وكان التواضع رداء للناس حتى أتى الغرور وسلبه
تغيرت الأشكال وصارت أشباح وكثر المتلونون حتى أصبحوا كالخُفاش والسيئين أفسدوا حياة الآخرين وكأنهم شوك في أرض بوُر مالحة غير صالحة لا تُزهر ومهما رميت بها من بذور الخير لا تُثمر ولن تحصد من ورائها إلا الشر فصار القاع ممتلئ بأُناس كذبوا بكل صدق وغشوا بكل أمانة وخانوا بكل إخلاص ونصبوا بكل ضمير ووضعوا عقد لكل الحلول
وساد الدنيا اللئام والأنصاف والأشباه وصار المخادع محبوب ومرغوب والصادق منبوذآ ومكروه فانقلبت الموازين وأصبح بعض البشر في حياتنا مثل أمواج البحر تُغرق كل من يثق في هدوئها
والحياه ما زالت تصفعنا وتصدمنا بكثير من الأقنعة الزائفة وتهدينا بقليل من الوجوه الصادقة وأحيانآ توقعنا على غير أشكالنا وتجبرنا على وجوه لا تشبهنا
القلوب بعضها إسودت والأطماع زادت والعيون زاغت و البطون جاعت والأحلام ضاعت كأنها رُسمت في الهواء فطارت والأنفس سُجنت في زنزانة الماضي الجميل وجعلت من محبسهاحياه ووطن والغل والكُره والحقد ملئوا القلوب كما يملأ الشوك الطرقات وأصبح لا وقت لدينا لفهم ما يحدث بالحياه لأنها أسرع من أن تعطينا فرصة للإستيعاب وكثيرمن الناس فيهاأصبحوا يكافئون الكاذبين ويعاقبون الصادقين ودائمآ يرفعون سفهاء القوم وأصحاب المصالح حتى إذا ما إنتهت مصالحهم ندُر سؤالهم وصمتت هواتفهم وقل لقاءهم حتى شعر بالخيبة والخسران كل من راهن نفسه أن الجميع أوفياء
وهنا أيقنا أنه لا جدوى من الحديث وعشنا عواصف الأيام وسقطت من أيدينا الأقلام وفقدنا شهية الكلام وبغضنا الحياة وكرهنا الإستمرار أو حتى البقاء بعد أن فقد كل شيء معناه واستسلمنا لواقع غريب عنا فذُبل كل غصن أخضر فينا وعلمنا أن الزمان ليس زماننا بل هو زمن تهدمت فيه مدن أحلامنا فعشنا مع أحزاننا وأحببناها لعلها ترحل كما يرحل كل شيئ جميل وكما رحل كل من أحببناهم وقررنا الإنسحاب في الوقت المناسب حتى لا نخسر كثير من الجولات ووضعنا أوجاعنا تحت أقدامنا وسرنا مبتسمين أمام كل من ينتظر سقوطنا لنتعلم كيف ننهض بأنفسنا من جديد
.
بقلم – ياسر مكي
عرض أقل