لستُ أنساهُ … البحر البسيط بقلم الشاعر سمير الزيات
ــــــــــــــــ
يا ليلُ مهلًا فمن غيري سيهواهُ
لو غاب دهرًا فإِنِّي لستُ أنساهُ
قد راحَ عنِّي ومازالت ملامحهُ
في العقلِ رسمًا بديعًا قد رسمناهُ
من ظنَّ يومًا بأنِّي لستُ أذكرهُ
يَأتي وينظرُ في عينيَّ ذكراهُ
***
هذي ورودٌ أراها في حديقتِهِ
تاقتْ إليهِ ، وبالتحنانِ تهواهُ
تهفو إليهِ بإلحاحٍ وقد ظمِئتْ
وأصبحت تشتكي للقترِ ريَّاهُ
ذابت ، وكادَ الجوى يمضي بفتنتِهَا
لولا احتكامُ الهوى والحبّ لولاهُ
هذي الورودُ بهِ دومًا تُذكِّرني
تبكي ، وتسألني : أيَّانَ نلقاهُ ؟
***
يا ليلُ مهلًا ! ، فمازالت أناملُهُ
بالقلبِ تَلهو ، وتَسري في خلاياهُ
والقلبُ يهذي ويشدو من قصائدِهِ
ما كانَ يشدو ، وما كنَّا سَمِعناهُ
والنفسُ تبكي حنينًا مِن مواجِعِهَا
فالنَّفسُ فيها بقايا من بقاياهُ
في كلِّ دربٍ كتبْنَا ما يُذَكِّرُنا
أنَّى أسيرُ سأتلو ما كتبناهُ
***
سألتُ قلبي ، وبي وجدٌ يُروِّعُنِي
أينّ الحبيبُ ؟ ، وهل حقا فقدناهُ ؟
سَمِعتُ قلبي بما أُبدي يلاحِقُني
يقولُ مثلي كلامًا قد نَظَمناهُ
يَضِجُّ شوقًا وفي خوفٍ يُسائِلُني
يقرأه الاخرون
عمَّا جَنيْنَا ، وعن ذنبٍ فعَلْناهُ
حتَّى ظَنَنْتُ بأَنِّي سوفَ أَفْقِدُهُ
مِنَ الجُنونِ ، ومِنْ حُزْنٍ تغَشَّاهُ
فقلتُ للقلْبِ : صبرًا ، إنَّني ثَمِلٌ
وأنْتَ مثلي بِكَأْسٍ قد شَرِبْنَاهُ
***
إِنَّ الحبيبَ وإِنْ طَالَ الفراقُ بهِ
يومًا يَعودُ فَنَجْني ما زَرَعْنَاهُ
يَعودُ يَحمِلُ في كَفَّيْهِ فَرحَتَهُ
غيرَ الورودِ ، وبَعضًا مِن هَدَاياهُ
يَشكو الحنينَ ، وَيَرجو أن نُسامِحَهُ
عمَّا تَجنَّى ، وأنْ نَنْسى خطاياهُ
يا قلبُ حتمًا سَيَأْتي نادِمًا أَسِفًا
يَبْكي وَيَلعَنُ ذنْبًا قد تَجَنَّاهُ
يَرْوي الورودَ ، ويمحو ما ألمَّ بها
مِنَ الهَوانِ ، وَيُنْهي ما بَدَأْنَاهُ
***
يَا قلبُ صبرًا فإنَّ الحبَّ نعرفُهُ
قد عاثَ فينا وكُنَّا مِنْ ضحاياهُ
حبٌّ عجيبٌ – غَريبٌ- في طبائعِهِ
بالخيرِ يبدو ، ويُخفِي ما كَرِهناهُ
فإنْ بَنينَا على كَفَّيْهِ مَسْكَنَنَا
يبغي ، ويَهدِمُ ما كُنَّا بَنَيْنَاهُ
وَإِنْ مَضَيْنَا إلى حلمٍ نًحَقِّقُهُ
يَخْتالُ فينا ، ويمحو ما رَأَيْناهُ
يَظَلُّ فينا مكينًا لا يُبَارِحُنَا
حتَّى نَظُنُّ بِأَنَّا قد ملكنَاهُ
يَفِرُّ مِنَّا ، وخَلفَ الموتِ يَترُكُنا
نَهذِي ونَبكي على عُمرٍ أَضَعْناهُ
إِذا الحقيقةُ في صمتٍ تُواجهُنا
فالحبُّ وحشٌ – رقيقٌ – قد جَهِلْناهُ
***